أحاول جاهدة أن أكون من أولئك الذين يوقدون الشموع !
لكني أجد نفسي رغما عني ألعن الظلام.. وألعن الظلام.. وأزيد في اللعن !!
لقد أطال البقاء.. واشتقت أنا للنور.. ولوطن النهار!!!

صباح الحب.. مساء الروعة

هل علينا نحن الكبار اللعب كما الصغار؟!


" شبكتي* ؟! لاب توب شوارفسكي وبلاك بيري بكفر فوشيا."..! هذا ما أجابتنا به مراهقة هذا العصر، في منتصف لعبتنا ( أسئلة مفاجئة ).

ظننتها تمزح ، لكنها أكملت وقد بدت على غير العادة، أكثر ثقة، هادئة وجادة، ساعدها في ذلك إنصات البقية لها وعدم السخرية من حديثها، لالتزامهم بأصول اللعبة ..!

كانت محقة في كثير مما قالته، هي لا تميل لارتداء الذهب والحلي، كما أنها صغيرة جدا لتطلب السيارة التي ترغب، وتفضل الحرمان منها على أن يقودها سائق، بالإضافة إلى أن ما طلبته كشبكة لها ليس ( أي شي ) على حد قولها..! فوجود الشوارفسكي على الغلاف الخارجي لـ اللاب توب يضيف له الكثير من الجمال، واليها الكثير من الوجاهة والثقل الاجتماعي، اما البلاك بيري بالكفر الفوشيا، فيجمع ما بين موبايل اخر موديل ولون الموضة الفسفوري.

كانت لعبة ممتعة بدأتها إحداهن وأكملنا نحن معها، لعبة أجمل ما فيها قوانينها التي تجبرك على الإنصات واحترام وجهات النظر، وهو ما نفتقده على أرض الواقع.

وقد أثار دهشتي أن وجدت في أطفالنا ليس فقط القدرة على تحديد ما يريدون، بل والدفاع عنه بالعقل كما يقولون. وأن كونه سؤالا مفاجئا لم يشكل عائقا أمامهم، ولا أمام الإجابة عليه، فتساءلت.. كم منا نحن الكبار كان سيجيب بمد حرف الألف لثوان، قبل أن يتدارك الموقف قائلا "بصراحة ، فاجأتوني بالسؤال".

نعم معك حق فاجأناك، لكن ماذا لو كان السؤال عن رسالتك في الحياة..! خطتك للخمس سنوات القادمة..! أو عن أي أثر ستترك من بعدك..؟ أظنه سؤالا كان عليك أن تملك إجابته، وان لم نكن سنوجهه إليك، أليس كذلك..؟!


* الشبكة هي الحلي من الذهب أو الألماس الذي يقدم للعروس مع المهر

هل حقا كنت أرفض الاعتراف بالحقيقة ؟!


كنت ارتشف شاي الورد بالفانيليا، واستمع لأغنية sway عندما رن جرس هاتفي النقال..
- أم عبد الرحمن، تعالي تغدي.
- إن شاء الله
اتصال هاتفي من والدي الجالس في الغرفة المجاورة . خرجت فإذا بالأحبة مجتمعين..
- خالتي أبوي كتب مقالة، تبين تقرينها؟
قالتها ابنة أختي وهي تناولني المجلة " اضاءات " الصادرة عن وزارة الشئون الاجتماعية والعمل. فتحت صفحة كانت مثنية، فإذا بالعنوان يصفعني " متى تفقدين أنوثتك؟ " قلبت الصفحة وإذا بأطباق حواء - وكأن لا احد يأكل سواها- الطبق الأول "حساء الفول النابت " وأسفل منه" سلاطة الجبنه". قرأتها بطريقة مختلقة جدا، "حساء فول البنات وسلاطة اللسان..!! "عندها توقفت للتفكير بما شغلني و قلب العناوين رأسا على عقب.

- ها خالتي شرايج فيها ؟ قريتيها؟
- لا للحين، أي صفحة؟
- الأولى

"إذا كنت مهموما" كان هو العنوان، والمقالة طويلة جدا وبخط صغير جدا أيضا- يضيف للهم هما- احتوت مجموعة من الوسائل التي من شانها أن تعين المهموم وتخفف من أحزانه. وانتهت بحوار دار بين إبراهيم بن درهم رحمه الله، وبين رجل كان قد مر عليه ووجهه ينطق بالهم والحزن.

- إني سأسألك عن ثلاث فاجبني، أيجري في الكون شيء لا يريده الله؟
- لا
- أينقص من رزقك شيء قدره الله لك؟
- لا
- أينقص من أجلك لحظة كتبها الله لك؟
- لا
- فعلام الهم؟!!
كان سؤال إبراهيم الأخير جديرا أن أبحث له عن إجابة داخل نفسي. لم أجدها حتى اللحظة..!!
بالأمس في رواق الكلمة، لم يخل نقاشنا ونحن نحلل كتاب تاكسي حواديت من (القفشات اللطيفة ) التي تميز بها د.خالد القحص لخفة دمه، ورغم هذا خرجت مهمومة..!!

لقد أثقل قلبي ما ذكرته إحدى الأخوات عن رأيها في فتيات الكويت. كانت تستنكر اشتراطهن العمل عند الزواج، كما اتهمتهن بترجيحهن كفة التوافه من الأمور على تربيتهن للأطفال..!! وهي القشة التي قصمت ظهر بعيري وأوقعتني أرضا فأنطقت لساني. لقد شعرت بفورة الدم، وطالبتها عدم التعميم مرارا على الرغم من محاولاتها الدفاع عن رأيها الذي صرحت به، والذي عدلت عنه مشكورة بعد دقائق قائلة ( مو كلهم نصهم) ..!!

في الحقيقة، لا أدري إن كانت قد بنت رأيها هذا على ما تراه في محيطها أو أنها ربما قرأته في مجلة..!! كل ما اعرفه أني وجدت نفسي بين نارين. بين أن ارفع الظلم عن نساء الكويت في جلستنا هذه، أو أن اختلف إنا وهي أمام الحضور. وكان اعترافها بالنسبة لي كافيا لأقف عند هذا الحد، وان ختمت حديثها بـ ( المشكلة أننا نستاء حين ينبهنا الغير عن أخطائنا، ونرفض الاعتراف بها)..!!

كم يحزنني أن يلوح البعض برايات حرية الاعتقاد، وحرية الرأي، وحرية التعبير، متناسين أهمية أن لا ينالوا بحريتاهم هذه حقوق الغير..!! وكم يؤلمني أن يكون إلقاء التهم على الغير هي وسيلتهم الأولى والوحيدة ربما لتنزيه أنفسهم منها..!!

إن اتهامنا للآخرين بما ليس فيهم هو تعد على حقوقهم. وانتهاجنا التعميم لينال الاتهام من فئة بأكملها أو جنس بأكمله، هو تعد على الحقوق أيضا. والتساهل في لفظ كل ما قد يخرج على ألسنتنا من آراء وأحاديث، دون تنقيتها من الشوائب والأخطاء والزلات، سينال منا نحن ومن مصداقيتنا أكثر مما يناله من الآخرين..!!

فمتى نعي أن الكلمة سلاح ذو حدين، إن نحن نطقنا بها، التصقت بنا، ووجب علينا أن نكون على قدر من المسئولية لتتسع صدورنا سهام النقد البناء لها، لنعترف بعدها بخطئنا إن نحن أخطأنا، ونعتذر..!! متى نعي..؟!





حديثــ في الحبــ ؟!

صبا، فتاة تبلغ من العمر 26 عاما. جميلة، جامعية ومثقفة، رفضت جميع من تقدموا لخطبتها ولأسباب تكاد تكون مختلقة أحيانا، ونالت نتيجة هذا الرفض غضب الوالدين وعداوة الأقارب والصديقات، ونظرات مستفزة في مقر عملها أينما تحل، عدا مني أنا..!

صبا موظفة مجتهدة، معرفتي بها بسيطة جدا، نادرا ما كنت أتجاذب أطراف الحديث معها، أحيانا لضيق الوقت، وأحيانا أخرى لانشغالنا بأعمالنا. كنت استمع فقط لحديثها وحديثهن، واستنكر أحيانا ردود الأفعال الغريبة جدا تجاهها..! لم أكن أملك من الفضول ما يلح علي لسؤالها عن سبب الرفض. لم أوبخها يوما لرفضها كل هؤلاء الرجال. لم أطلق عليها مصطلحات مثل غبيه و(شايفه حالها) كغيري، كما لم أجد بها من الغرور شيئا، وأدهشني أن تطلقه عليها اقرب صديقاتها إليها..!

حدث ذات يوم أن كنت أحدث ابني على الهاتف على مسمع منها. كان يستأذنني الذهاب إلى إحدى الأسواق مع صديقه، وكنت أوصيه على الفتيات واحذره من التعرض لهن. فكان أن تساءلت بعد انتهائي عن عمره، عن مشاكل المراهقة، عن معاناتي معه وانتهت بسؤالها ..

- ماذا لو أحب..؟ وأخبرك بحبه وطلب منك التقدم للفتاة..؟!
كان سؤالها مفرحا رغم غرابته، فهو بعد لم يتجاوز السادسة عشر، وفور سؤالها تخيلت الموقف كما لو كان حقيقة. ابتسمت وأخبرتها أني بالتأكيد سأسعد له، وافرح باعترافه، وربما أشاركه الجنون و(نطلبها رسمي)..! ضحكنا، لكنها أردفت سؤالا آخر اشد منه غرابه..! قالت..

- ماذا لو كانت ابنتك هي من أخبرتك بأنها أحبت.؟! هل ستستمعين لها ..؟!
كان لسؤالها وقع الصدمة على نفسي لكنها اتبعت..

- ماذا لو أخبرتك انه زميل بالجامعة أو ابن الخالة؟ ماذا لو أقسمت أن حبها لا يزال دفين صدرها وأنها لم تنطق بمكنونه لأحد، لا له ولا لغيره؟ ماذا لو كانت تتمناه زوجا ؟ هل تساعدينها..؟!

أطلت بالسكوت..! لست أملك الإجابة، ولا ارغب حتى بمجرد التفكير فيها. وكنت سأطلب منها الحديث في موضوع آخر، لولا أن لمحت بريق عينيها ونذيرا ينبئ ببكاء..!
- صبا، ماذا بك؟ لم تبكين؟

- ماذا لو أحببت..؟! كيف أتصرف ..؟!
صبا ، كانت تبحث عن شخص يجيد التفكير والحكم والنصيحة، وأخطأت إذ ظنت أنها وجدته بشخصي، فلم أكن لها سوى عقبة أخرى في الطريق..! وكل ما أجدته هو محاولتي أن أسكت بكاءها كي لا يلحظها احد..!

ربما يكون ما أنا بصدد البحث فيه ضربا من الجنون..! ربما يكون ما وراء السؤال هو الجنون حقا..! ولكن ما دام قابلا للطرح، فهو قابل للبحث أيضا..!

- ماذا لو أحبت أختك رجلا..؟! ماذا لو طلبت منك المساعدة ..؟! هل تستمع لنداء قلبها وتسعفها ؟! بالتأكيد توجيه مثل هذا السؤال يبدوا استفزازيا لهذا سأتناول نفسي بالطرح ..!
- ماذا لو أحببت أنا ؟ كيف أتصرف؟

اعلم أني كامرأة لن اعدم الوسيلة، لكن ماذا لو أشرت لمن أحب بما أكنه له ؟! هل يصنع مني هذا التصرف حمقاء في نظر نفسي ؟! ومجرمة في حق أهلي ..! هل ينقص من قدري أمام من أحب ؟ وهل أملك الحق في أن أحب..؟!

- لم نملك قلوبا إذا ما دمنا لا نملك الحق في الحب بها..؟!